الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية إسرائيل... والشهداء.. والمتاجرة بعواطف العباد

نشر في  30 أفريل 2014  (10:54)

بقلم: محمد المنصف بن مراد

في الأيام القليلة الماضية تعالت أصوات بعض «الثورجية»، منهم من يحتلّون كراسي في المجلس التأسيسي ومنهم من كانوا في الحكم، لتندّد بدخول بعض السواح الاسرائيليين الذين زاروا معبد الغريبة بجزيرة جربة.. والثابت أنّ الذين  حاولوا توظيف «عروبتهم» لم يتألّموا أكثر من سائر  التونسيين وهم يشاهدون الفلسطينيين يقتّلون ويهانون من قبل الصهاينة! ومن هذا المنطلق نعتقد أنّه لا يوجد شخص أو حزب يحتكر الشعور «بالعروبة»...
ولقد رأيت لزاما عليّ أن أذكّرهم بأنّ السواح الاسرائيليين زاروا بلادنا في عهد بورقيبة وفي عهد بن علي وفي عهد الترويكا ولم يعترض على هذه الزيارات سوى فئة قليلة، من ذلك أنّنا لم نسمع ـ على سبيل المثال ـ  أنّ متشدّدي نواب النهضة أو مؤتمر المرزوقي ندّدوا بهذه الزيارات سنتي 201٢ و2013..  فعلى «أنصار» فلسطين في تونس ألاّ يتاجروا بمشاعرالعباد بعد هذه الزيارة، مع العلم انّ المسؤولين الفلسطينيين جلسوا وتحدّثوا وأفطروا مع مسؤولين اسرائيليين، كما أنّ حركة حماس التي يتزعّمها  السيد اسماعيل هنية والتي اتفقت مع فتح وحكومة السيد محمود عبّاس سيجلس أعضاء منها بعد تشكيل حكومة ائتلاف وطني مع الاسرائيليين والمبعوثين الأمريكان، لأنّ مهمّة حماس ـ وهي مقاومة الصهيونية ـ  انتهت أيضا بفعل الضغوطات القطرية والأمريكيّة ومصالح الحركة العالمية الاسلامية.. فلا تتلاعبوا بمشاعر الشباب والناخبين وكأنّ القضية الفلسطينية باتت «أصلا تجاريّا».. وإذا كنتم مصرّين على مواصلة تحرّكاتكم،  فاعلموا أنّكم ستضرّون بمصالح مليون تونسي يعملون في قطاع السياحة، وأمّا إذا كانت في أرصدتكم البنكية 30٠0 مليار من العملة الصعبة  لتقدّموها لتونس وللعاملين في هذا القطاع فإنّ موقفكم سيصبح عندئذ مبررا.. ومع موقفي الثابت من الصهيونيّة، لا أرى حرجا في أن يأتي يهود لبلادنا ليمارسوا طقوسهم الدينيّة في مزارهم.
وعلى هذا الصعيد لابدّ من شكر الوزيرة آمال كربول التي أصبحت رمز تونس الحداثة والمرأة الناجحة والوزيرة اللامعة، بينما هناك تونسيات أخريات يردن جذبنا للوراء مكرّسات الجهل والتخلّف.. لقد صارت آمال كربول اليوم أفضل من  ألف رجل! ثمّ كلمة لمن حاولوا إقالة السيد رضا صفر الوزير المكلّف بالأمن، فهل تريدون أمنا «يخدم» العنف وانتشار الأسلحة والارهاب كما كان في الماضي؟ يا سي رضا انّ أغلب التونسيين الديمقراطيين والوطنيين يساندونك ويطالبونك أيضا بإزالة الأمن الموازي والتزام مزيد من الحزم مع الارهابيين وان أدّى ذلك إلى إقالتك من مجلس انتهت «شرعيّته» وفقد كل مصداقية!
أمّا في ما يخصّ عائلات الشهداء فانّ غضبهم مشروع لأنهم يشعرون أنّ المحكمة العسكرية لم تنصفهم وانّ الشهداء قتلوا مرّتين وانّ القنّاصة الذين ثبت وجودهم وتبخّروا لم يكونوا الاّ «وهما».. وفي الأثناء  هناك أسئلة عالقة  أودّ طرحها: هل عملت المحكمة تحت الضغط؟ هل ثمّة شخصيات نافذة تدخّلت لحماية أنفسها من ضلوعها في عملية القنص؟ ثم هل من الممكن خرق الدستور اليوم وغدا ببعث محاكم استثنائيّة؟ انّ غضب عائلات الشهداء موقف محترم أخلاقيا وقانونيا وتاريخيّا وسياسيّا ومع هذا نتساءل هل من الممكن بعث محاكم خاصّة أو تقديم «ملفّات جديدة» لمحاكمة القنّاصة ومن دبّر جرائمهم.. قد تغيب الحقيقة   عقودا لكنها ستطفو يوما على سطح الذاكرة..